الرئيسية » غير مصنف » دور الجالية المغربية بالمهجر في بناء مؤسسات الدولة

دور الجالية المغربية بالمهجر في بناء مؤسسات الدولة

✍️ العربي شريعي 

تعاني الجالية المغربية بالخارج ، والتي يفوق عدد أفرادها ستة ملايين شخص، من ضعف تمثيلها السياسي وعدم إدماجها بشكل فعّال في المؤسسات الوطنية. ورغم أهميتها كرافعة اقتصادية ومصدر أساسي للتحويلات المالية، فإن مساهمتها في صناعة القرار الوطني تبقى محدودة.

كانت ومازالت المشاركة السياسية مطلبا ملحا لكل المغاربة المقيمين بالخارج، مطلب ليس بالموسمي الذي يستفيق عند سماع أولى أصوات طبول انطلاق موسم الانتخابات التشريعية، مطلب لا تمليه مصالح ضيقة تتمثل في الحصول على مقعد في قبة البرلمان ولا أطماع مالية تتلخص في تحصيل تعويض مادي قد يضيع كله في التنقل، بل هو مطلب يعكس استمرارية الوطن داخل هذه الفئة بأدق تفاصيله، مطلب يعكس قوة رابط المواطنة التي تجمع مغاربة العالم بالمغرب رغم أن 20 بالمائة منهم ولدوا ببلدان إقامتهم، ورغبتهم التي تزداد يوما عن يوم في المشاركة في الأوراش الكبرى التي يعرفها مغرب اليوم والغد.

فالتحديات والرهانات التي تطرحها وضعية مغاربة العالم ومستقبلهم يتطلب سياسة حكومية منسجمة ومتجددة، سياسة ترسم بوضوح الأهداف المراد تحقيقها والإجراءات الملموسة التي يجب إتخاذها لفائدة ستة ملايين مواطن مغربي يعيشون ويتطورون بعيدا عن الوطن في سياقات ومجتمعات مختلفة، لاسيما تفعيل مشاركتهم في الحقل السياسي المغربي وفقا لمقتضيات الدستور الجديد.

لهذا ينبغي على الحكومة والمخططين أن يتجاوزوا في مثل هذه الظروف التفاصيل القانونية المتعلقة بالآليات والنسب وعدد الدوائر المخصصة لمغاربة العالم والمقاعد، وأن يطرحوا الرؤية والأسئلة الإستراتيجية القائمة على المشاركة الفعلية للمواطنين المغاربة بالخارج ومساهمتهم في تقدم وتنمية الوطن وفي التقريب بين الشعوب بين بلدان الإقامة والمغرب، ثم التعاطي مع القضية كمصلحة وطنية تفرض إعتماد آليات ديمقراطية تشاركية تستدعي نهج مقاربة متجددة وشاملة ومتوازنة.

صحيح أن الجالية هي اليوم خارج مؤسسات الدولة البرلمان والحكومة، لكنها حتما ليست خارج كيان الدولة وقوانينها، لأن المواطنين المغاربة بالتأكيد هم اليوم يحملون مفاهيم وتصورات مختلفة للديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة والمواطنة وسيادة القانون وحقوق الإنسان، بالتأكيد هم حتى اليوم لازالت الهوية المغربية تشكل جزءا كبيرا من شخصيتهم مما يولد لديهم الشعور بالفخر والانتماء للبلد الأم، بالتأكيد سيظل إيمانهم بالله حتى الموت وحبهم لوطنهم المغرب وولائهم لملكهم راسخا في عقولهم تحت شعار الله الوطن الملك.

إن جالية المواطنين المغاربة المقيمة في الخارج مستعدة لتحمل مسؤوليتها السياسية كاملة وأداء الدور الذي يفرضه عليها وضعها الخاص، وذلك بغية مواكبة التحولات التي يشهدها الحقل السياسي المغربي. لذلك يستوجب على المغرب، الذي لا تعتبر ظاهرة الهجرة غريبة عنه، الاستجابة إلى مطالب مواطنيه المقيمين في الخارج.

تنطوي العلاقة التي تجمع مغاربة العالم ووطنهم الأم على عروة وثقى مركّبة تتداخل فيها الروافد الثابتة من الانتماء الهُوِيَاتي، بمجاراة التباعد الجغرافي والمرجعية التاريخية التي تشكل المخيال الجمعي والوعي السياسي، وأيضا الروافد الثقافية والحضارية كبنائية اجتماعية متحرّكة تجعل مغاربة الشتات لا ينفصلون كليا عن الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي للبلد الأصل.

ولا يمكن التقليل من أهمية العامل الاقتصادي، أيضا، باعتباره اللحمة الأساسية التي شكلت تاريخيا سبب هجرة المغاربة المتحدّرين من المناطق المهمشة من نطاق التنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *