الرئيسية » أخبار » عشية تقرير “دي ميستورا”… الدبلوماسية المغربية تُشعل شمعتها في ظلام الالتباس الإقليمي

عشية تقرير “دي ميستورا”… الدبلوماسية المغربية تُشعل شمعتها في ظلام الالتباس الإقليمي

✍️نبيل عبد اللاوي

في وضع سياسي مضطرب، وبين صدى التحركات الأممية وترددات القلق الإقليمي، تعود قضية الصحراء المغربية لتشغل الأروقة الدولية.
عشية تقديم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، “ستيفان دي ميستورا”، لتقريره أمام مجلس الأمن، تتقاطع الخيوط، وتتجدد الحسابات، ويتأكد أن المغرب لم يكن يتحدث من فراغ.
التحول اللافت جاء هذه المرة من واشنطن، التي لم تكتفِ بتجديد موقفها الاعترافي بسيادة المغرب على صحرائه، بل سمحت – أو ربما رتبت – لتسريب تقرير “خطير” عبر صحيفة “واشنطن بوست”، يكشف ما ظلت الرباط تردده منذ سنوات: ضلوع إيران، عبر حزب الله، في دعم جبهة “البوليساريو” بالسلاح والتدريب. الاتهام ليس جديدًا، لكن مصدره هذه المرة ذو وزن ثقيل، في لحظة يكثر فيها الحديث عن “الإرهاب” العابر للحدود.
هذا التقرير يندرج في سياق أوسع من مجرد كشف إعلامي، بل يأتي متزامنًا مع تحرك داخل الكونغرس الأمريكي يقوده سيناتور نافذ، لتصنيف “البوليساريو” منظمة إرهابية. وهو تطور لو حصل، فسيغير ملامح التعاطي الدولي مع القضية، وسيمثّل ضربة موجعة للأطروحة الانفصالية، ولسندها الإقليمي في الجزائر.
الجزائر، التي وجدت نفسها في السنوات الأخيرة تفتح أكثر من جبهة توتر إقليمي، من ليبيا إلى مالي، ومن علاقات متشنجة مع فرنسا إلى عزلة عربية شبه شاملة، باتت تُنظر إليها لا كفاعل متوازن، بل كقوة إرباك في منطقة تبحث عن التهدئة. وضمن هذا السياق، تصبح دعمها لـ”لبوليزاريو” ليس موقفًا مبدئيًا كما تدعي، بل استمرارًا لاستراتيجية عرقلة مغاربية مزمنة، تُغلفها بلغة تقرير المصير، بينما تخفي دوافع صراع الزعامة وفوبيا التفوق المغربي.
أما “دي ميستورا”، فزيارته الأخيرة لواشنطن لم تكن عادية. بحسب تسريبات دبلوماسية، تم استدعاؤه صراحة من قبل الخارجية الأمريكية لإبلاغه بأن الحل الوحيد المقبول من طرف واشنطن هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وأن الوقت قد حان لوقف دوامة المفاوضات العقيمة والانخراط الفعلي في حل ينهي نزاعًا تجاوز نصف قرن، وهو ما أكده تصريح لافت لوزير الخارجية الإسباني قبل أيام حين قال: “هذا الملف لا يمكن أن يستمر لخمسين سنة أخرى.”
المغرب، من جهته، يتحرك بثقة الدبلوماسية الرصينة:
– لا يستعجل، لكنه لا يهادن.
– لا يرفع السقف، لكنه لا يقبل بالنزول عن أرض الواقع.
– يراهن على دعم أممي يتبلور تدريجيًا، ويستند إلى اعترافات رسمية من قوى وازنة (الولايات المتحدة، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا…)، لكنه يعلم أن المعركة لم تنته بعد.
والآن، ونحن على أعتاب عرض تقرير “دي ميستورا”، تتجه الأنظار إلى مجلس الأمن، حيث لا يُنتظر “اختراق سحري”، بقدر ما يُنتظر ترسيخ للواقعية السياسية التي باتت تفرض نفسها: لا دولة وهمية، لا تقسيم للأراضي، لا حل خارج السيادة المغربية.
إنها شمعة المغرب في نفق هذا الصراع الطويل، الذي بدأ يُضيء نهايته… فيما الآخرون ما زالوا يُراهنون على سراب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *